جسم مكور ووجه مدور تظهر عليه خيرات الريف الذي ينتمي إليه.. وحمالات بنطلون يصر على ارتدائها قد لا تلاحظها شتاء، ولكنك حتما ستراها إذا قرر الاستغناء عن جاكيت البدلة صيفا، لتذكرك بممثلي زمان، ولعلها تحمي بنطلونه من السقوط في حالات الانفعال أو الغضب..اترك الجسد وركز في تفاصيل الوجه.. تلاحظ نظارة سمكية تغطي عينيه.. ويسترعى انتباهك شارب أسود كث يذكرك بصول مخلة أو مخبر شرطة سري وربما تقفز إلى ذهنك شخصية ضابط أمن الدولة..إنه المطلوب رقم واحد للداخلية.. إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة الدستور المستقلة، ومروج الشائعات عن الرئيس بحسب رابطة محامي محبي الرئيس مبارك.
دستور يا عيسى
ولد إبراهيم عيسى في نوفمبر 1965 في مدينة قويسنا بمحافظة المنوفية، والتحق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، كان الأول على دفعته في عامه الأول بالكلية، وعرف بنشاطه السياسي خلال سنوات دراسته حتى أصبح أمين الحزب الناصري بالمنوفية..والده موجه لغة عربية وإمام مسجد، تأثر به إبراهيم كثيرا وظهر ذلك بشكل واضح في كتاباته الدينية، وكذلك في برامجه التلفزيونية التي لم يتطرق أي منها للسياسة بل كانت جميعا دينية (الله اعلم)،(الرائعتان)،(أغثنا يا رسول الله).عمل بمجلة روزاليوسف منذ سنوات دراسته الأولى، وكان من أهم كتابها الذين أثاروا الجدل، ثم من ألمع الأسماء التي عرفتها الصحافة المصرية من خلال جريدة الدستور في إصدارها الأول عام 1995.. ومن المعروف أن الدستور بكل كتابها كانت نقلة في عالم الصحافة، حيث قدمت كتابات حماسية ومعارضة وقوالب مختلفة لم تألفها الصحافة المصرية وقتها، واتسمت مقالاته خاصة بالجرأة الشديدة.بعد عامين ونصف تقريبا أي عام 1998 أغلقت الدستور بعد نشرها لبيان اعتبرته الحكومة مثيرا للفتنة، لتعود للظهور مرة أخرى عام 2006 ولكن هذه المرة عادت بإبراهيم عيسى كرئيس تحرير لها ولجريدة صوت الأمة في نفس الوقت (الجريدتان يملكهما عصام إسماعيل فهمي، ليترك صوت الامة
وينفرد البدستور بإصداريها اليومي والأسبوعي
.
دين وسياسة
صدر له مجموعة من المؤلفات أهمها "مقتل الرجل الكبير" التي صودرت فور نشرها-وفق بعض الاراء-، ورواية "أشباح وطنية"، إلى جانب مجموعة من الأعمال التي توصف بأنها مرتبطة برؤى عيسى الدينية مثل: دم الحسين، رجال بعد الرسول..بدأ اسمه يتردد بعد اتهامه بالسب والقذف والتحريض والإهانة والتطاول على رئيس الجمهورية، وصدر الحكم في يونيو 2006 بالحبس سنة مع الشغل وكفالة 10 ألاف جنيه، غير أن محكمة الاستئناف خففت الحكم إلى غرامة قدرها 4000 دولار. وحاليا يتعرض للمحاكمة التي أجلت إلى يوم 14 نوفمبر المقبل بتهمة نشر أخبار كاذبة عن صحة
رئيس الجمهورية.
منفوخ.. جريء.. ساذج
البعض يصفه بالديكتاتورية الفجة، والغرور الفارغ وتضخم الذات، في حين يصفه أصدقاءه من الصحفيين بالحماس والخجل الزائد عن الحد..أنا لست ممن عايشوا تجارب إبراهيم عيسى الأولى أو الأخيرة، كما أنني بدأت العمل الصحفي بعد ربع قرن من بدايات عيسى، حاولت الاتصال به مرات عديدة ليحكي ويدافع عن نفسه إلا أنه لا يرد.. لذا حاولت استكمال الصورة من خلال مشاهدات مُعايشيه ومتهميه..الصحفية مديحة عمارة، علقت على إحدى مقالات عيسى التي هاجم فيها هيكل قائلة : "إنه مزيج من الجرأة والاجتهاد مع السذاجة والشعور العالي بالذات.. وتمرده يصل إلى حد التخطي.. ففي تحطيمه للثوابت يجد انجازه وذاته.. ويلجأ إلى التجريب دون نظر عقلاني للثوابت أو دراسة جادة لها.. ولعل فيما علق به في "صوت الأمة" عن حلقة الأستاذ هيكل في قناة الجزيرة بلورةَ وإجمالا لكل ذلك".وتحت عنوان (حديث عن الفتنة الصحفية في مصر) عبر الكاتب سليم عزوز عن رأيه في التضامن الأخير مع عيسى والذي تم في نقابة الصحفيين، رافضا فكرة التضامن معه ليس لأنه لا يستحق، ولكن لأنه لم يتضامن مع صحفي من قبل سواء في المسيرات التضامنية أو حتى على صفحات جرائده الكثيرة.وعن سماته يقول عزوز في المقال ذاته: "صاحبنا منفوخ بالفطرة، وإحالته للنيابة ببلاغ مقدم من جهاز أمن الدولة، وسط زفة من المؤيدين، أمر من شأنه أن يؤثر علي حالته النفسية، وهي تهمني بحكم الزمالة.. وفي تقديري أن وقف طبع وتداول الإصدار الأول من جريدة الدستور لم يؤثر فيه كما أثر قول بعض الزملاء أنها لم تنجح بإبراهيم وحده، وإنما بهم أيضا، فقرر في هذا الإصدار أن يكون هو الكاتب الأوحد، والصحفي الوحيد، والمناضل الذي لا يستطيع أن يصل إلي سقف نضاله أحد بالجريدة".
خجول..حماسي..فريد
"لا أستطيع أن أقدم توصيف لأنني عايشته ما يقرب من 24 عاما فكيف اختصرها في مجموعة من الكلمات"، كان هذا هو رد دكتور أحمد محمود المخرج الصحفي للدستور سابقا، والذي لازم عيسى منذ سنوات الدراسة كما لازمه في كل تجاربه الصحفية حتى الآن..وبسؤاله عن اتهام عيسى بالتضخم والغرور أجاب: "هذا غير صحيح على الإطلاق لأنه متواضع جدا وخجول للغاية لدرجة أنه يحمر وجهه إذا أتى واحد من محبيه وسلم عليه يحمر وجهه ويصمت وكأنه ينفر منه ولكنه خجل وليس غرور".وعن ديكتاتورية عيسى، يقول: "لا يمكن أن يكون ديكتاتورا، بالعكس فهو يهتم بالشباب بشكل خاص ويشركهم في جميع مراحل العمل الصحفي، ولذلك يختلف صحفيو الدستور عن الآخرين ويمكنهم صنع تجربتهم الخاصة بداية من بلال فضل إلى محمد الضبع، ولكن كل عمل فني لابد أن يكون له فنان واحد، فالجميع يشتركون ولكن القرار في يد عيسى وهذه ليست ديكتاتورية".أما الصحفي جمال فهمي الذي زامل عيسى لسنوات، فيفسر الاتهامات ضد عيسى بشكل مختلف، قائلا:"السبب في هذه الآراء حماسة إبراهيم الشديدة وقلقه الفكري وبحثه الدائم الذي قد يعتبره البعض عيبا وليس ميزة".وحول اتهام عيسى بعد التضامن مع أحد، يقول فهمي: "إبراهيم لا يهتم بالجزئيات ولكنه يركز أكثر في الكليات ويعتبر الحضور بجسده شيء أقل أهمية من إيمانه بالقضية، التي لا يستطيع أحد أن يزايد عليه فيها وهي قضية الحريات وبالتالي فهي فرضية منتهية".
من 50 جنيه لـ50 ألف جنيه
أما شباب الصحفيين الذين يعملون معه في الدستور الحالي فقالوا عنه أنه شخص مميز وماهر صحفيا يهتم بمراجعة
أغلب الشغل بنفسه، ويتميز بروح الدعابة على المستوى الشخصي، ولكن على مستوى العمل وخصوصا في الجانب المادي لا يهتم بحصول شباب الصحفيين على حقوقهم المادية التي قد تتراوح بين 50 و 150 جنيها، في حين يحصل هو على رقم فلكي شهريا قيل أنه حوالي 50 ألف جنيه....رغم كل ما قيل عنه، يبقى عيسى واحدا من هؤلاء الذين يصدق عليهم وصف الصوت العالي أو الجعجعة، ولكن هل هذه الجعجعة في محلها أم لا؟ هذا ما سنعرفه لو تابعنا النتائج..