الخميس، نوفمبر ١٥، ٢٠٠٧

أحلام البنات


: براء كلمني ع النت وبعت لي ورقة وورد قال :على بريدي وصلني هذا المقال، وببساطة رأيت ضرورة نقله، وإهدائه إلى زوجتي، ربما لأني أقدر كل لحظة تضحيتها أثناء سفري الحالي إلى المغرب" لحد هنا كلام براء خلص

واهي المقالة اللي بيرو أهداها لي وهي مقالة كتبتها د.هبة رءوف عزت

ما زلت أذكرها بشعرها الأسود الطويل والبتطلون الجينز الضيق والتي شيرت وهي تدخل المسجد منذ سنوات لتضع على عجالة عباءة سوداء وحجاب ملون احتراماً للمكان.

توجهت لي حين دلتها صديقة عليّ بعد أن سألتها عن الاسم وبابتسامة مشرقة عرفتني بنفسها وانتحت بي جانباً لتقول في حماسة:

"أنا قررت أتحجب. خلاص اقتنعت. عندي فقط مشكلة صغيرة هي أن القرار لا يتضمن فقط تغيير دولاب ملابسي بل تغيير التخصص."

راجعتها لأفهم معنى الكلام، فقالت أن حلمها كان أن تدرس هندسة الطيران وأنها ستتنازل عن الحلم لأن "الأخوات" قلن لها أن هذا.. حرام.

أفزعتني فكرة تحريم الحلم. من يجرؤ على تحريم الأمل والطموح ؟!
قلت لها أن كل ما يجب عليها هو تغيير دولاب ملابسها فقط، أما الحلم فلا يجب أن تتنازل عنه أبداً. ردت:"ولكن أنا متفوقة ولو نجحت في هندسة الطيران فحلمي أن أدرس بأمريكا"..فقلت لها "ما المشكلة، في أمريكا أو حتى في الصين".

قالت:" والمحرم؟ أنا ليس عندي أخ فنحن شقيقتين فقط"، فكان ردي:" المحرم شرط عند عدم الأمن، وهناك أحاديث بشارة بأن يعم الإسلام فيعم الأمن وتسافر المرأة لا تخشى شيئاً في دار الإسلام، ودار الغرب صار بها مسلمون يمكنهم أن ينتظروك في المطار ويرتبوا لك الإقامة وسط الجالية المسلمة في مكان آمن، تلك المسائل صارت ميسرة وسهلة، ثم من قال أن المحرم مستحيل؟ عسى الله أن يرزقك بإنسان جميل مثلك من نفس التخصص يصحبك في السفر نحو نفس الغاية وتتقاسما الحلم."

غادرتني وهي تكاد تطير من الفرح.. وتحقق حلمها، وحلمي، وتفوقت بعدها بسنوات، وسافرت أمريكا مع زميلها الذي تزوجته واستمرت في الدراسة..وأنجبت.. ثم انقطعت أخبارها.

منذ يومين تذكرتها حين التقيت تلك الفتاة الرقيقة التي كنت ُأدرس لها بالجامعة والتي دار معها حديث مشابه. تخرجت وجاءت تسألني عن استكمال دراسة الماجستير في العلوم السياسية، وتناقشنا وغابت.

عادت بعدها باسابيع تقول أنها تفكر في أن تسقط من قائمة الأحلام دراستها العليا لأنها تم عقد قرانها على شاب متدين ويعمل بالمملكة السعودية.

لم أفهم سبب التنازل عن حلم الدراسة وهي الذكية المتفوقة. سألتها ولماذا لا تؤجلين الزواج حتى نهاية السنة التمهيدية وتتزوجي بعدها، فترددت ألا يوافق، فقلت لها يا ابنتي الزواج شراكة، وكما له حقوق أنت لك حقوق، تفاوضي بل ولا أتجاوز لو قلت: إشترطي!"

منذ أيام وجدتها في مكتبي، تحمل على كتفها طفلة صغيرة جميلة، وأخبرتني أنها تزوجت بعد أن تفاوضت، وأنه استجاب لرغبتها في السفر المتكرر لمتابعة دراستها، واليوم نبدأ في بحث الماجستير ومعها زوج يحبها ويحترمها وطفلة جميلة هي زهرة الحياة.

من يملك حق وأد أحلام البنات، ومن قال أن البنت ليس من حقها أن تحلم؟ بل من حقها.. وينبغي أن يتحرك المجتمع لتسهيل تحقيق تلك الأحلام المشروعة. ماذا يكسب مجتمع يكسر أحلام بناته ويقايض الأمومة بالحلم الشخصي؟ ويؤطر لذلك بالتدين والتقوى؟

من قال أن الرسول حرم النساء من الحلم أو العلم أو العمل؟ بل حتى حلم الجهاد والموت في سبيل الله براً وبحراً ..ولو كان لديهم طائرات في العصر الإسلامي الأول لكان جواً أيضاً. فالأولى بنا اليوم أن ندفع البنات للحلم بالحياة في سبيل الله، وهو سبيل واسع يسع أحلام الأمومة والتفوق والسفر والعمل والدراسة، فإن تعقدت الأمور فالفتاة والمرأة قادرة على تحديد الأولويات واختيار تأجيل بعض الأحلام.

أعرف من قررت أن تؤجل حلم الأمومة ، ولم أر أن من حق أحد أن يلومها، لأنها لو صارت أماً وحلمها الشخصي معلق ستعيش وهي ترى أن أمومتها حرمتها من حلمها الشخصي، وما أتعسه من شعور، وأعرف من قررت تأجيل حلم الدراسة وعادت له بعد سنوات من التفرغ للأمومة بقرار واع، بل أعرف من عادت للدراسة بعد أن تزوج الأولاد لتجلس في قاعات الجامعة وهي في الأربعين بجوار من هم في سن أبناءها.

مناط الأمر هو الحرية، والاختيار ، وتحمل تبعات القرار.

مساء أمس اتصل بي أحد ابنائي من نشطاء العمل الاجتماعي والتنموي، أخبرني أنه تجادل في ندوة مؤخراً حول مفهوم الحرية وتمسك برأيه أن الإسلام لا يدافع عن الحرية بل يدافع عن العدالة. تجادلت معه بل وناقشته بحدة وغضب.

غرت على إسلامي الذي خيرني فيه ربي بين الإيمان والكفر وأخبرني أن قراري ملكي لكنني أيضاً يجب أن أتحمل مسئولية هذا القرار.

رد الشاب: "تذكري: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" فكان ردي:" هذا مراد الله من خلق العباد لكن الله منح العباد حرية الاختيار في قوله "من شاء فليؤمن" و"لست عليهم بمسيطر"وأجل العذاب لحكم أخروي ، بل ولم يقبل إيمان بغير رضا، وعلى هذا نص دعاء الرسول:رضيت بالله رباً.

فكيف بالله عليكم أخرجتم الحرية من الإسلام !! ".

رحمتك يا رب!

لحد هنا ومقالة د. هبه رءوف خلصت وانا سعيدة جدا انه فكر في حياتي لما قرا المقال وانا متشكرة قوي انه واقف جنبي وبيشجعني على متابعة نشاطي

هناك ٣ تعليقات:

الحلم العربي يقول...

مقالة جميلة جدا
أشكرك عليها و أشكر البراء كمان
يا ريت اللى بيحرموا البنت من أحلامها و بيحصروها في حلم ظل الرجل الذي هو أحسن من ظل الحيطة يقرؤا هذ الكلام

تحياتي لك و لزوجك

ام مليكة يقول...

مرسي على كلامك الحلو ياريت ناس كثير تقرا المقال لانه مهم قوي

بنت مصرية يقول...

بحب اقرا لدكتور هبه عموم، ولما قريت مقالتها دي لما اتنشرت الاسبوع ده في الدستور فرحت بيها جدا.. خليت اختي وماما يقروها كمان.. وكنت عايزة انشرها على مدونتي كمان، لكن لسبب ما - مش قادرة احدده احجمت عن النشر- بس لما لقيتك نشراها النهاردة اتبسطت.. واتبسطت ان مقالة بالأهمية دي تبقى هدية جميلة بين زوجين :) فعل دي الهدايا والا فلا.